البحار و المحيطات تغطي أكثر من 70 بالمائة من سطح الأرض جعلها تلعب دور مهم في المحافظة على التوازن المناخي، دون نسيان أن البحار جّد غنية بالزيوت التي تستخدم في صناعة الدهون، وكذا بالثروات المعدنية المختلفة. لكن في الآونة الأخيرة البيئة البحرية التي تعني كل مساحات المياه المالحة التي تمثل كتلة متصلة بعضها بالبعض سواء كان ذلك الِاتصال طبيعيا أو صناعيا و ما تشمل عليه من أوجه الحياة البحرية؛ باتت مهددة بجملة من المخاطر التي أثرت عليها بشكل سلبي.
في هذا البحث سنقوم بالتحقيق حول تلوث البحر المتوسط نظرا لاشتراك 22 دوله عليه و القائها لمختلف المخلفات و النفايات فيه و كونه من البحار المغلقه التي لاتختلط مياهها مع مصدر مائي اخر و بالتالي لاتتجدد مياه الا خلال أوقات جدا طويله تعود الى حوالي قرن من الزمن. يصب في البحر المتوسط مايقارب 80 نهرا تلقي بحمولاتها في هذا البحر. اضافه الى انه يقع على ساحل هذا البحر اعداد هائله من المنشأت الصناعيه و محطات الطاقه و المنشأت البتروكيميائيه و الابار النفطيه المحفوره في قاعه او بالقرب منه. كل هذه العوامل تعتبر من اهم عوامل تلوث البحر المتوسط.
سنتحدث بالتفصيل عن اخطار هذه العوامل.
المخلفات و النفايات:
تعتبر النفايات والمخلفات في البحار ناشئه عن مصدرين أساسيين:
1-مصدر عن الملاحة البحريه مثل قوارب الصيد، وناقلات الركاب السياحيه و ناقلات البضائع و ناقلات النفط (التي هي المصدر الأصلي للتلوث بالهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAH) مثل هيدروكربون النفط الخام في البحر المتوسط). أيضا مصدر التلوث البحري قد يكون بسبب أفعال بشرية شخصية)كسوء قيادة السفينة و عدم أخذ الإحتياطات اللازمة من قبل
قائد تلك السفينة أو ربابينها قبل الإنتقال من منطقة إلى أخرى (كما يؤدي أيضا قدم السفينة إلى حدوث هذا النوع من الحوادث التي تضر بالبيئة البحرية بإنتشار أنواع الزيوت) النفط أو البترول (بحيث بمجرد ملامسة المياه البحرية بتلك الزيوت يتسبب في تلوثها و جعلها غير صالحة للملاحة
، 2-مصدر بري من الشاطئ؛ فالكثير من هذه المخلفات هو من المخلفات البلاستيكية الاغذيه و الزجاجات الفارغه التي تركها البشرخلال الاستجمام على الشواطئ لينتهي بها الأمر في مياه البحر؛ حيث ربما تم ترك هذه المخلفات على الشواطئ، أو المناطق المرتفعة على بعد أميال من الشاطئ لتنتقل مع مياه الأمطار و الجريان السطحي الى البحر او تم رميها في البحر نفسه.
هذه المخلفات يمكنا التاثير على الشكل الجمالي للبحار كما انها تؤثر على المخلوقات البحريه و تؤدي الى موتها. اخطر هذه المخلفات هو البلاستيك الذي هو عبارة عن مادة غير قابلة للتحلّل الحيوي، و تستطيع ان تنقسم إلى أجزاء أصغر يستمر وجودها في البيئة لقرون، ويمكن لهذه الجزيئات أن تسبب موت الكائنات الحية البحرية في حال ابتلاعها، حيث تسبب هذه الجزيئات موت الملايين من الحيوانات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، كما يمكن لها أن تتراكم في أجسامها. اضافه الى ذلك فان هذه المواد يمكنها الطفو على سطح الماء مسببه في عدم وصول الأكسجين إلى الأحياء المائية ممّا يكون سبباً في هلاكها.
تدفق المجاري الصناعيه بما في ذلك معالجة البترول:
يوجد الكثير من الصناعات الكيميائية وصناعات التعدين في المناطق الساحلية، و ينتج عنها كميات كبيرة من المخلفات الصناعية (على سبيل المثال المعادن الثقيلة والمواد الخطرة والملوثات العضوية التي يمكن أن تصل إلى البيئة البحرية للبحر المتوسط بشكل مباشر أو غير مباشر (على سبيل المثال عن طريق الأنهار والجريان السطحي). في حالات كثيرة لم يتم اتخاذ أية إجراءات لمعالجة النضاض من مقالب النفايات والسيطرة عليها، فهي تلوث المياه الجوفية و البيئة الساحلية البحرية أو كليهما بالملوثات العضوية والمعادن الثقيلة.
ومن عمليات تعبئة وتفريغ الوقود في القوارب عند الموانئ، وكذلك التسريب النفطي الذي يحدث من الكوارث التي قد تحدث لناقلات النفط في البحار والمحيطات، ويشكّل التسرب النفطي خلال نقل النفط أو تصنيعه نحو 8% من إجمالي أسباب تلوث البحار بسبب النفط، بينما يشكّل التسرب النفطي المرتبط بوقود القوارب نحو 24% منها.
اضافه الي الخطر المباشر للصناعات على التلوث البحري من خلال القائها لمواد كيميائيه سامه مباشره في البحار فان هذه الصناعات لها خطر غير مباشر على البحار و على البيئه ككل حيث تطلق العديد من الصناعات أطناناً من الانبعاثات الخطرة إلى الغلاف الجوي كل عام، لتنتقل هذه الملوثات عن طريق الهواء و الغلاف الجوي وتصل إلى مياه البحار والمحيطات من خلال الترسيب الجوي، حيث هذه الملوثات تنتقل مع مياه الأمطار والثلوج من الغلاف الجوي لتعود ثانيه الى سطح الأرض و الى البحار.
النمو الطحلبي الضار :
لقد انتشر النمو الطحلبي الضار (Etrufication) المنتشر في البحر المتوسط مسببا مشكلات خطيرة متعلقة بالصحة العامة كان سببها الاعتماد الغذائي على الاحياء البحرية التي تغذت سابقا على الطحالب السامة و تغلغلت ضمن انسجتها. حيث هذا النمو الطحلبي حدث بسبب وفره المغذيات من مواد عضويه و نترات و فسفات ناتجه عن القاء مختلف النفايات و وبقايا الأسمدة في مياه البحر ويحتوي دفق المدن الذي لم تتم معالجته أو تمت معالجته جزئيا على كميات كبيرة من المغذيات والمواد المعلقة (قابلة للتحلل أو خاملة).
حيث تتسرب الاسمده عبر الأراضي الزراعيه و من خلال المجاري السطحيه لتصل الى الأنهار التي تحملها بدورها الى البحار كما ان هذه الاسمده قد تتسرب عبر التربه بعد ريها او هطول الامطار لتصل الى سطح المياه الجوفيه (خاصف في فصل الشتاء حيث يكون منسوب المياه الجوفيه مرتفع) لتصل الى البحار بدورها محمله بالاسمدة وهي تسهم بشكل كبير في تراكم الرواسب الغنية بالمادة العضوية والرواسب الملوثة بالمعادن والملوثات الأخرى .
بعد مده من الزمان تتراكم هذه الطحالب و تتحلل الى رواسب و تتراكم في قاع البحر مهدده مياهه حيث انها بعد وقت طويل يمكنها استنزاف كل هذه المياه البحريه و تحويله لصحراء. اضافه الى ذلك ان هذه الطحالب عند قيامها بالتركيب الضوئي تستنزف الاكسجين في الليل مسببه اختناق الاحياء البحريه و موتها.
المخلفات الصلبة:
و تصدر عن مراكز المدن على طول ساحل البحر المتوسط. كثيراً ما يتم التخلص منها في مقالب النفايات دون معالجة صحية بسيطة للغاية. إن تفريغ المواد الصلبة الدقيقة التي تخلفها المنشآت الصناعية أو تفريغ المواد الخاملة التي تخلفها أنشطة البناء قد تؤدي إلى تغطية قاع البحر بمواد برية.
مياه الصرف الصحي و المخلفات البلديه:
اغلب الدول بعد معالجتها لمياه الصرف الصحي في محطات المعالجه يتم القاؤها في البحار. في بعض الأحيان قد تتلوث البحار بمياه الصرف الصحي بسبب عدم كفاءه و بسبب اعطال طارئه في محطات المعالجه القريبه منها حيث يصل التلوث الى المياه الجوفيه و بدوره الى البحر. هذه المياه ملوثه بالبراز و البكتريا و فيروسسات و مواد مغذيه. اذا تم استخدام هذه البحار لاستخدامات ترفيهيه مثل السباحه او للشرب دون اجراء عمليات معالجه لها فانها ستسبب في انتشار امراض كثيره مثل امراض جلديه او اسهال و اقياء و غيرها الكثير.
في النهايه لابد من نشر الوعي البيئي من أجل التقليل من نسبة التلوث البحري والعمل على إصلاح الأضرار التي ألحقت بالبيئة البحرية و مختلف عناصرها
This article is useful for me
1+ 3 People like this post