من منصة كورسي سنبحث اليوم في موضوع بيئي مشوق و هو اثر تغيير المناخ على البيئة:
أن التغير في مناخ الأرض وآثاره الضارة تمثل شاغلاً مشتركاً للبشرية حيث يتغير مناخنا بسرعة بإحداث آثار هدامة وهذا التغيّر هو أسرع من أي تغيّر ملاحظ على مدى الألفيتين الماضيتين. وتشير التقديرات في الوقت الحاضر إلى إصابة ستمائه مليون شخص أي حوالي شخص واحد كل عشره أشخاص في العالم بالمرض بعد تناول أغذية ملوثة ووفاة اربعمائه و عشرون الف شخص سنوياً نتيجة لتغيّر المناخ الذي يبدّل البيئة الز راعية والصناعية ويؤثر في سلوك الإنسان والحيوان.
فعلى الصعيد العالمي ينطوي ارتفاع درجات الحرارة والتغيُّرات في المناخ على اثار و نتائج كبرى في مجال الزراعة و التي تسبب تغيير النظم الإيكولوجية وتنقص الفوائد التي توفِّرها للمجتمعات. ويؤثر ذلك بصورة قوية على إنتاج المحصولات الزراعية و الحيوانية ، والموارد الزراعية من التربة والمياه، والأمن الغذائي. لابد من الاشاره الى ان التقنيات النووية والنظيرية تلعب دوراً مؤثر و حاسم الأهمية في تقييم آثار تغيُّر المناخ. ويمكن أن يزداد الوضع سوء بسبب تسارع وتيرة إطلاق غازات الدفيئة في الجو من التربة بما يتسبب بحصول الاحترار العالمي. ان ما تؤدي إليه هذه الزيادات من استفحال ظاهرة الدفيئة الطبيعية وما سيسفر عنه ذلك بصفة عامة من احترا إضافي لسطح الأرض والغلاف الجوي ويمكن أن يؤثر تأثيراً سلبياً على الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية وعلى البشرية.

مصطلحات تغيير المناخ
في هذا السياق لابد أولا من تقديم توضيح لعدة مصطلحات مثل:
- مصطلح “الآثار الضارة لتغير المناخ” و الذي يعني التغيرات التي تطرأ على البيئة الطبيعية أو الحيوية من جراء تغير المناخ والتي لها آثار ضارة كبيرة على تكوين أو مرونة أو إنتاجية النظم الإيكولوجية الطبيعية المؤثره على عمل النظم الاجتماعية الاقتصادية أو على صحة الإنسان ورفاهه.
- مصطلح “تغير المناخ ” يعني اي تغيراً في المناخ يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي والذي يلاحظ، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ، على مدى فترات زمنية متماثلة.
- مصطلح “النظام المناخي ” يعني كامل عمليات الغلاف الجوي والغلاف المائي والمحيط الحيوي والمحيط الأرضي وتفاعلاﺗﻬا
- مصطلح “الانبعاثات” يعني إطلاق غازات الدفيئة و /أو سلائفها في الغلاف الجوي على امتداد رقعة محددة وفترة زمنية محددة.
- مصطلح “غازات الدفيئة ” يعني تلك العناصر الغازية المكونة للغلاف الجوي، الطبيعية والبشرية المصدر معاً، التي تمتص الأشعة دون الحمراء وتعيد بث هذه الأشعة.
ان من الملاحظ أن أكبر قسط من الانبعاثات العالمية في الماضي والحاضر لغازات الدفيئة نشأ في البلدان المتقدمة النمو، وأن متوسط الانبعاثات للفرد في البلدان النامية ما زال منخفضاً نسبياً، وأن القسط الناشئ في البلدان النامية من الانبعاثات العالمية سيزيد لتلبية احتياجاﺗﻬا الاجتماعية والإنمائية.

اثر تغيير المناخ على البيئة البحرية
ستتأثر الكائنات البحرية بالتغيرات المناخيه التي تحدث على كوكب الارض من خلال حدوث نوعين من التغييرات في الوسط الذي تعيش فيه، وهما التغيرات في موائلها الطبيعية وإمداداتها الغذائية، والتغيرات في كيمياء المحيطات. فالنباتات البحرية، وبالأخص العوالق النباتية، هي منتِجات الغذاء الأولية التي تشكل قاعدة السلسلة الغذائية. ومن المتوقع أن يحصل تناقص في كمية هذه النباتات في المياه الأكثر دفئا التي تنقص كمية الاكسجين فيها مع ارتفاع الحرارة، الأمر الذي سيؤدي عمليا إلى خفض كمية المغذيات المتاحة للحيوانات على طول السلسلة الغذائية. وبالاضافة إلى ذلك، فإن درجات الحرارة تعد عاملا مهما في دورات حياة الكثير من النباتات والحيوانات البحرية، وغالبا ما تكون بداية دورات التغذية والنمو والتكاثر متزامنة. و عند حصول اي خلل في هذه العمليات، من المرجح أن تظهر الكائنات على الساحة عندما تكون مصادرها الغذائية قد اختفت منذ وقت طويل.
ويُتنبأ أن تسبب الزيادة المتوقعة في درجة حرارة المحيطات الى هجرة كبيرة للاحياء البحرية و ذلك وفق قدرتها على تحمل الحرارة. حيث من الممكن ان يحصل انقراض للانواع التي لايمكنها تحمل درجات حرارة عالية و ليس لديها القدرة على الهجرة. لابد أيضا من الاشاره الى ان تحمض المحيطات، أو زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون فيها سيؤدي إلى خفض درجة تركيز أيونات الهيدروجين في مياه البحر، و ذلك لن يؤدي فقط إلى تناقص كمية العوالق النباتية، بل سيؤدي أيضا إلى خفض درجة التكلس في حيوانات بحرية معينة مثل المرجانيات والمحاريات، مسببا ضعف هياكلها وإعاقة نموها. كذلك ان من أكبر المخاطر التي تواجه المرجانيات هو خطر تعرضها للابيضاض نتيجة لارتفاع درجة حرارة سطح البحر و الذي يضعف الكلوروفيل الأخضر و إمكانية القيام بالتركيب الضوئي. فمثلا يلفظ المرجان الزوزانتللي نتيجة لذلك، ويفقد لونه (يحدث الابيضاض) ويصبح ضعيفا. وتتميز بعض المرجانيات بقدرتها على التعافي، غالبا مع ضعف أجهزة المناعة لديها، ولكنها تموت في كثير من الحالات.

اثر تغيير المناخ على البيئة البرية
من المتوقع أن يؤدي تغيّر المناخ على كوكب الارض إلى تلوث المياه والأغذية بالجراثيم والفيروسات والمُمرِضات المحوّرة بتغيير السمات الخاصة بأنماط البقاء على قيد الحياة وانتقال الأمراض من خلال الخصائص الجوية المتغيرة مثل درجات الحرارة والرطوبة. سيؤدي ما يتوقف على المناخ من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة ونمو الفطريات وتكّون السموم الفطرية إلى تغيّر أنماط حدوث ذلك. وتتكّون السموم الفطرية بفعل بعض الفطريات المعيّنة )العفن( على المحاصيل ويمكن أن تسبب آثارً سمية حادة ومشكلات صحية مزمنة )بما في ذلك السرطان ( لدى الإنسان والماشية.
سيكون للزيادة في مدى تواتر الفيضانات الداخلية المرتبطة بتغيّر المناخ أثر على التلوث البيئي والأخطار الكيميائية في الأغذية، من خلال إعادة تنشيط الرواسب النهرية الملوثة وما ينشأ عنها لاحقاً من تلوث تربة الأ راضي الزراعية و المراعي. ان الظواهر الجوية القصوى، مثل الأعاصير وموجات الحر، تتزايد في تواترها وشدتها، وهي تهدد حياة الانسان و الحيوان و النبات وتدمر الهياكل الأساسية الحيوية لعافيتهم. فمثلا حصول الفيضانات يمكنه ان يتسبب بإضعاف مرافق المياه والصرف الصحي، مما يقود إلى انتشار أمراض من قبيل الكوليرا، وهي تمثل خطراً داهماً على الانسان بصفة خاصة.
وحيثما ينعدم الأمن الغذائي، ينزع الناس إلى التحوّل إلى نُظم غذائية غير صحية و الى استهلاك المزيد الأغذية غيرالمامونة « التي تعرض فيها الأخطار الكيميائية والميكروبيولوجية وغيرها من الأخطار الصحة للمخاطر وتسهم في زيادة سوء التغذية.
ادلة على تغيير المناخ على الأرض
هناك أدلة قوية على أن الاحترار العالمي على مدى القرن الماضي يرجع بالدرجة الأولى إلى الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات، وتحويل الأراضي إلى الاستخدامات الزراعية. وتشير سجلات درجات الحرارة من عام الف و ثمانمئه و خمسون إلى أن الكرة الأرضية قد ارتفعت درجة حرارتها بمقدار صفر فاصل ثمانية درجة مئوية في المتوسط. كما تشير التركيزات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون إلى ارتفاع مستوياتها من مئتان و ثمانون جزءا في المليون في المتوسط في منتصف القرن التاسع عشر، عند بداية الثورة الصناعية، إلى نحو ثلاثمئة و ثمانية و ثمانون جزءا في المليون في بداية القرن الحادي والعشرين. ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه نحو الاحترار العالمي، حيث يتم التنبؤ بحصول تغير المناخ في عام الفان و مائه بحيث أن متوسط درجة حرارة العالم سيرتفع بمقدار اثنان فاصل 5 – اربع فاصل سبعه درجة مئوية بالمقارنة بمستويات عصر ما قبل الصناعة.
- استمع أيضًا إلى بودكاست الوعي البيئي
مراجع
- اتفاقيه الأمم المتحدة الاطارية بشان تغيير المناخ
- آثار تغير المناخ على الشعاب المرجانية والبيئة البحرية
- السلامة الغذائية وتغيّر المناخ ودور منظمة الصحة العالمية
- تغير المناخ 2014 الاثار و التكيف و هشاشة الأوضاع
- الصحة و البيئة و تغير المناخ. مسودة خطة العمل بشان تغيير المناخ و الصحة في الدول الجزريه الصغرى
- موجز السياسات جعل الغابات تتلاءم مع تغير المناخ رؤية شاملة لآثار تغير المناخ على الغابات والناس وخيارات من أجل التكيف
- التوقعات المناخية ومؤشرات الظواهر المناخية المتطرفة في المنطقة العربية
This article is useful for me
1+ 4 People like this post